Interview #4: شظايا في ذاكرة تلميذ
-
السكن والاختباء
إبن منطقة بعلبكّ، سكن مدينة بيروت، وكان لا يزال تلميذاً في فترة الحرب، لم يتوجّه إلى المدرسة في أوقات القصف. كما لم يتوجّه أهله إلى أعمالهم في تلك الأوقات والسبب إقفال الطّرقات. كانوا يختبئون في مرآب للسيارات يقع تحت الأرض في منطقة الزلقا القريبة من منزلهم مسافة خمس دقائق يعبرونها بواسطة السّيارة.
كان يخاف كثيراً إذا حدث القصف أثناء تواجده في المنزل، ويعود إلى منزله مسرعاً في حال حدوث القصف وكان في المدرسة.
لكن الشعور بالأمان في الملجأ يتغلب على الخوف الناتج عن أصوات القذائف. وقد اتخذت العائلات لنفسها داخل الملجأ أماكن محددة تركن إليها إذا نزلت إليه. -
الحاجيات والتموين ومستلزمات الحياة
عند توقف القصف كان إخوته يتوجهون إلى المنزل، بينما يذهب بعضهم إلى الفرن ويقف في الطّابور للحصول على ربطة خبز، وقد كان هناك عرف قائم بمقتضاه لا يجوز لأحد أن يحصل على أكثر من ربطة خبز واحدة. رغم ذلك فقد حاولوا الحصول على أكثر من واحدة في بعض الأحيان.
أمّا هو فكان يلازم الملجأ جالساً بجوار الوالدة . كما كانت الوالدة تتولى مهمة إحضار الطّعام من المنزل في حال توقف القصف. كان الطعام يقتصر على المعلبات في أغلب الأحيان والخبز.
امّا معرفة أوقات توقّف القصف أو تجدّده فقد كانوا يعلمون بها عبر الراديو.
لم ينتظر الناس عند أبواب الأفران طويلاً، بسبب الخوف من تجدد القصف. وكان المقاتلون يخالفون ذاك العرف القائم ويأخذون حوالي 30 ربطة دفعة واحدة.
عانوا من نقص في المواد الغذائية، وفي البنزين، وكان الحصول على صفيحة بنزين واحدة يستلزم الوقوف في الصف. لذلك لم يكن يذهب أحد لتعبئته.
تحسباً لاحتمال نشوب معركة، قاموا بتخزين المواد الضرورية لمواجهة النقص في المواد الغذائية، فكانوا يشترون الحاجيات الأساسية كالحبوب والمعلبات، والطحين لصنع الخبز في المنزل.
كما عانوا من انقطاع المياه التي كانت بالكاد تكفي لحمّام سريع، وقد درجت العادة على تسخين المياه بواسطة الغاز، وذلك بسبب الانقطاع الدائم للكهرباء. كما استخدموا الأوعية الصغيرة للاستحمام، فارتبط اهتمامهم بالنظافة الشخصية بظروف الحرب عامة. وقد قام الجيش اللبناني بمساعدة الناس لتأمبن مياه الشفة وإيصالها إلى الملاجئ.
لم يكن أبناء الحي يريدون التوجه إلى الملاجئ في بداية الأمر. لكنّ سقوط العديد من الجرحى دفعهم إلى ذلك، ومن الإصابات يذكر إصابة جارهم وامرأته بشظايا قذيفة سقطت على مقربة منهم . -
صورة الحرب دمار وفقدان أمل
الصورة التي طبعت ذاكرته هي صورة الخراب والدمار وموت الأحبة، ويقول إنّ تأثير فقدان الأقارب والأحبة سيظل حاضراً في وجدان من فقد عزيزاً بسبب الحرب. ويحمد الله على أنه لم يفقد أياً من أقاربه في الحرب، لكنه فقد الكثير من المعارف.
الحرب أفقدته الأمل بلبنان وعزم على الهجرة، لكنه تراجع لأنه فضّل البقاء بجانب الأهل والأصحاب.
يقول إنّ الإحساس الطائفي لم يتغير عند اللبنانيين بعد الحرب، فهم الآن يعيشون نوعاً من الحرب الباردة التي يمكن أن تندلع في أي لحظة، وتأخذ شكل المعارك. -
الاطمئنان على الأهل والاحتفال بالاعياد
كان الاطمئنان على الأهل والأقارب يتمّ بواسط الهاتف، ولكن بعد عشرات المحاولات قد تنتج عنها محاولة ناجحة لا يستمر الاتصال فيها أكثر من دقيقة ثم ينقطع.
وبسبب عدم إمكانية التواصل مع سكان المناطق البعيدة عنهم، فلم يعرفوا عن أقاربهم الساكنين هناك شيئاً.
لم يغمر الفرح قلبه في الأعياد، على الرغم من ذهابه إلى الكنيسة، فلم يكن الظرف مؤاتياً والسبب يعود إلى كثرة المشاكل وحالات الوفاة.
وقد اقتصر احتفالهم بعيد الميلاد على تناول الفول السوداني.
لم يقتل أحد من أقاربه الأقربين، أما الآخرون فقد أصيب بعضه -
نجاته من قذيفة
من الأحداث التي يتذكرها: عند صعوده من الملجأ إلى الطابق الأعلى لقضاء حاجة سقطت قذيفة على بعد حوالى العشرين متراً منه، راح ضحيتها بعض الأشخاص، فاعتقد أهله أنّه من بين الضحايا، فبحثوا عنه لكن دون جدوى إلى أن عثروا عليه حياً بعد 30 دقيقة من البحث المتواصل. بعد هذه الحادثة انتقلوا إلى بعلبك.