Interview #5: ذكريات إمرأة انتقلت من الأشرفية إلى عوكر
-
الدكّان مصدراً للعيش
في بداية الحرب، سكنت في منطقة الأشرفية، لكن بسبب الظروف الأمنية بنَت منزلاً في منطقة عوكر، وانتقلت للسكن هناك وقت اشتداد المعارك، وكانت تعود إلى الأشرفية في بعض الأوقات، وقد امتلكت دكاناً في منطقة الأشرفية تأخذ منه الأغراض التي تريدها لنفسها، وقد تعرض الدّكان للإصابة أكثر من مرة ما تسبب بإتلاف بضاعته، على الرغم من ذلك كانت تعيد شراء الأغراض التي تلفت جرّاء القصف. أصيبت سيارتها واحترقت فلم تستطع إطفاءها. القصف العشوائي الذي حدث في تلك الفترة قتل الكثيرين
-
قاب قوسين من الموت
أصيب منزل أخت زوجها وكانت موجودة فيه فنجت بأعجوبة، وذلك بعد أن أخرجها ابن أخيها في اللحظة الأخيرة قبل أن تسقط القذيفة لتحفر في أرض المنزل حفرة كبيرة.
أجبر أولادها على حراسة الحيّ في أوقات معينة ما سبب لها الخوف والقلق عليهم. وحدث أنهم نجوا ذات يوم من سقوط قذيفة بالقرب منهم.
درجت العادة على الإشارة عبر الإذاعة إلى الأماكن المعرّضة للقصف ما ساعدهم على إعانة بعض الأقارب الذين يسكنون في تلك المناطق. فقد أُذيع ذات مرّة أنّ سنّ الفيل سوف تتعرض للقصف، فتوجهت ابنتها فوراً لجلب أختها من هناك.
لكن أحداثاً مفاجئة كانت تحدث في بعض الأحيان كمثل انفجار عبوة في منطقة المون لاسال حيث قتل فيه أحد أقاربها المتفوق في دراسته.
تذكر لافتة «انتبه قناص» وتتذكّر مقتل شخص إذ أصيب برصاص قناص كان يتمركز على سطح بناء في منطقة رأس النبع. -
وتستمر الحياة
لم تؤثّر الحرب على مسار حياتها الطبيعي، فكانت تذهب إلى الكنيسة للصلاة، وقد زوّجت ابنتها وأقامت لها عرساً، واحتفلت بالأعياد، وسمحت لأولادها بالذّهاب إلى الحفلات لأنها لم ترد إشعار أولادها بأهوال الحرب، فلا يجب أن تتوقّف الحياة في الحرب. فكانوا يخرجون إلى الحفلات، لأنهم كانوا في ربيع عمرهم. وكانوا يجتمعون في منزلهم في منطقة بيت شباب.
لم تفكّر يوماً في الهجرة، على الرّغم من هربها على متن باخرة إلى قبرص لكنّها ما لبثت أن عادت إلى لبنان، على الرغم من استمرار المعارك واستهداف البواخر التي يديرها الكتائبيون من قبل الفلسطينيين . كانت تسافر إلى فرنسا لزيارة ابنتها هناك. -
خوف وقلق
كانت تشعر بالمسؤوليّة بالقلق تجاه أولادها الصغار، فلا تسمح لهم بالخروج على الرغم من إصرارهم على الأمر، لكن لم تتصرف بالطريقة نفسها مع البالغين منهم الذين كانوا يقومون بالحراسة.
أثرت الحرب كثيراً عليها بسبب القلق الدائم على أولادها.
عندما أخبرت أنّه تمّ اختيار ابنها للخدمة العسكرية في منطقة مرجعيون انتابها خوف شديد وتناولت حبوب الفاليوم لتخفيف حدّته، فلجأت إلى الضباط المسؤولين هناك ونجحت في تخفيف مدة الخدمة إلى شهرين. -
الحرب مسؤوليّة الزعماء
تحمّل النواب مسؤوليّة الحرب، والسّبب رغباتهم وأطماعهم في تولّي المناصب التي حصلوا عليها بالتلاعب، وكذلك تصف الحرب التي قام بها ميشال عون فأصاب منطقة سكنها بالعديد من القذائف، وتحمد الله أنها لم تصب وقتها.
تشير إلى أنّ اللبنانيين يودّون الاتّفاق وهذا على العكس من رجال الدّين الذين لم يتمنّوا ذلك يوماً.
تشكو من انخراط العديد من النّاس في الأحزاب اليوم، ومن امتلاك البعض للسّلاح ما يسبب الكثير من المشاكل. -
زحمة عند الهرب
تتذكّر زحمة السّير الخانقة والناجمة عن عدم تحديد السّائقين لطريقهم بسبب القصف العشوائيّ والذي نتج عنه سقوط الكثير من القتلى أحياناً.
تشير إلى تجمّع العديد من النّاس في المرفأ وقتها، وتعزو سببه إلى خطة كسنجر القاضية بتهجير المسيحييّن من لبنان وتغيير البنية السكانية فيه، وتعتبر أنّ الخطة باءت بالفشل. -
الحرب تغيّر معالم المدينة
تشير إلى فتور العلاقات الاجتماعيّة بين اللبنانيين وانعدام التّضامن بعد الحرب. وتقارن بين معالم وسط المدينة قبل الحرب وبعدها. ففي الفترة السابقة كانت المحلات التّجارية تعج بالمارة، أما اليوم فلا ترى إلا المكاتب، فقد تغيرّت معالم لبنان بعد الحرب فهي اليوم لا تعلم أين يقع مزار سيدة النّوريّة التي كانت تزورها كثيراً قبل الحرب، كذلك الأمر بالنسبة للعديد من الأماكن.
الحرب لا تزال مستمرة على الشاشات، وهذا ما سيؤثر على الأجيال القادمة.
تتمنّى أن تمرّ على الجيل اللبناني الصاعد أيام سعيدة وأن ينجو من تكرار الحرب.